تستضيف تركيا اليوم عددًا كبيرًا من طلبات المهاجرين وطالبي اللجوء نظرًا لموقعها الجغرافي والتزاماتها الدولية. وفي هذا الإطار، قد يترتب على رفض طلب شخص أجنبي للحصول على صفة من صفات الحماية الدولية في تركيا (لاجئ، لاجئ مشروط، أو حماية ثانوية) نتائج قانونية بالغة الأهمية. تتناول هذه المقالة بالتفصيل الإجراءات القانونية في حال صدور قرار بالرفض، وطرق الاعتراض، والمهل، وإمكانيات إعادة التقديم، والمخاطر المحتملة.
• بموجب قانون الأجانب والحماية الدولية رقم 6458 (يوكّك / YUKK) يمكن للأجنبي التقدّم بطلب حماية دولية في تركيا.
• يُفحَص الطلب، وإذا رأت الإدارة — أي رئاسة إدارة الهجرة — أن شروط الحماية غير متوافرة، يصدر قرار بالرفض. أمثلة: الاقتناع بعدم وجود خطر اضطهاد أو ضرر جسيم، أو اعتبار ادعاءات المتقدّم غير مقنعة.
• يُبلَّغ قرار الرفض إلى طالب الحماية خطّيًا، وقد يفقد حقه في البقاء بتركيا بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية؛ وقد تُطرح مسألة الترحيل.
• مهم: «قرار الرفض ≠ ترحيل تلقائي»، غير أنّ إجراءات الترحيل قد تبدأ وفق المادتين 54 و55 من يوكّك.
• المادتان 78/79 من يوكّك (التقديم على الحماية الدولية، التقييم، الرفض، إلخ)
• المادة 54 من يوكّك (مَن يُتّخذ بحقهم قرار الترحيل) والمادة 55 من يوكّك (مَن لا يجوز ترحيلهم)
• اللائحة الخاصة بالأجانب والحماية الدولية — إجراءات العمل، ومهل الاعتراض والتقاضي، وغيرها.
تُقيَّم طلبات الحماية وفق قانون يوكّك واللائحة. وتفحص رئاسة إدارة الهجرة الملف تفصيليًا عبر تقييم الأقوال والأدلّة والمعلومات القطرية ومخاطر الأمن. وفيما يلي أبرز أسباب الرفض:
عدم توافر خطر الاضطهاد أو الضرر الجسيم (يوكّك م 63، 64)
ترتكز الحماية الدولية على وجود تهديد خطير للحياة أو الحرية أو السلامة الجسدية في بلد الأصل أو بلد الإقامة السابقة. فإذا تبيّن من التقييم ما يلي:
• عدم وجود حرب فعلية أو نزاع داخلي أو عنف واسع النطاق؛
• عدم انتماء المتقدّم إلى فئة معرّضة للاضطهاد (عرقية، دينية، سياسية، اجتماعية...)؛
• قدرة سلطات الدولة على توفير حماية فعّالة؛
عندئذٍ لا تتوافر شروط الحماية، ويُرفض الطلب.
مثال: مَن تُلاحقه بلده على جريمة جنائية عادية (لا سياسية) لا يستوفي غالبًا معايير الحماية.
عدم مصداقية أو تناقض أقوال المتقدّم
وفق م 78/3-ç من يوكّك تُقيّم الإدارة الأقوال من حيث المصداقية. ومن مؤشرات الرفض الشائعة:
• تعارض الأقوال، عدم تطابق التواريخ، تعدّد الروايات؛
• وثائق مزوّرة/مفبركة أو متناقضة؛
• سجلات سفر لا تتوافق مع الادعاءات؛
• دلائل إخفاء أو مبالغة أو أقوال مُلقَّنة أثناء المقابلة.
في هذه الحالات قد تُسجّل الإدارة «انخفاض المصداقية / فشل اختبار المعقولية» وترفض الطلب.
ملاحظة عملية: قد لا تكفي التناقضات وحدها؛ ينبغي تدعيم تقييم المصداقية عبر مقارنته بالمعلومات القُطرية.
بلد ثالث آمن أو بلد أول لطلب اللجوء (يوكّك م 73–74)
إذا كان المتقدّم قبل قدومه إلى تركيا:
• قد حصل على حماية دولية في بلد آخر، أو
• أقام في بلد مُنح فيه الحماية؛
قد يُعدّ الطلب في تركيا غير مقبول شكلاً ويُعاد الشخص إلى ذلك البلد.
وإذا عُدّت دولة العبور بلدًا ثالثًا آمنًا (مثال: دولة عضو في الاتحاد الأوروبي مع ضمانات فعّالة لحقوق الإنسان)، جاز رفض الطلب على هذا الأساس.
انعدام الصلة بمجموعة سياسية/عرقية/دينية/اجتماعية
بحسب م 61 من يوكّك يتطلّب وصف «لاجئ» خوفًا مبرّرًا من الاضطهاد لأحد الأسباب المحمية. فإذا تبيّن أن:
• المتقدّم لم يتعرّض لتمييز؛
• الخطر عامّ اجتماعيّ–اقتصادي وليس شخصيًا؛
• أشخاصًا في وضع مماثل يعيشون بأمان في البلد؛
فلا تُمنح الصفة.
مثال: البطالة أو الفقر أو الإقصاء الاجتماعي لا تشكّل بذاتها سببًا للحماية الدولية.
الدافع الاقتصادي أو مؤشرات إساءة استعمال الإجراء
الحماية الدولية لِمَن لديهم خوف حقيقي من الاضطهاد أو الضرر الجسيم. فإذا بدا أن الغاية تمديد الإقامة، أو تفادي الترحيل، أو الحصول على إذن عمل، أو إطالة طريق التجنّس؛ جاز رفض الطلب وتسجيل إساءة استعمال النظام.
وبموجب م 77 من يوكّك تُفحَص هذه الحالات ضمن إجراء مُسرَّع وغالبًا ما تُفضي إلى الرفض.
تهديد النظام العام أو الأمن العام أو الصحة العامة (يوكّك م 64/5)
إذا وُجدت مؤشرات على:
• نشاط إجرامي، أو ارتباطات بمنظمات/إرهاب؛
• سلوك يهدّد النظام أو الأمن العامين؛
• أمراض مُعدية تُعرّض الصحة العامة للخطر؛
يجوز للإدارة رفض الطلب. ويجب أن تستند هذه القرارات إلى معلومات وأدلّة ملموسة لا إلى افتراضات.
تنبيه: حتى عند الرفض لأسباب أمنية، يُحظَر الترحيل إذا توافر خطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو عقوبة الإعدام عند العودة (مبدأ عدم الإعادة القسرية).
أسباب الاستبعاد (يوكّك م 64)
قد يُستبعَد شخص من الحماية حتى لو انطبق عليه تعريف اللاجئ، مثلًا إذا:
• ارتكب جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية أو أعمالًا إرهابية أو جرائم جسيمة غير سياسية؛
• قام بأعمال مخالفة لمبادئ الأمم المتحدة؛
• أساء استخدام نظام اللجوء.
يُعدّ هؤلاء مستبعَدين وتُرفض طلباتهم.
عدم تقديم الأدلّة / تقديم معلومات كاذبة
يلتزم المتقدّم بتقديم أدلّة مؤيِّدة (وثائق، شهادات، تقارير قطرية، بيانات هوية). ويؤدّي الإخفاق في ذلك أو تقديم معلومات كاذبة عمدًا (جواز/هوية مزوّرة، تاريخ ميلاد خاطئ، رواية مختلَقة) إلى فقدان المصداقية ورفض الطلب.
مثال: مَن يدّعي هويتين ولا يثبت هويته بوثائق قد يُرفَض طلبه بسبب غموض الهوية.
توافر بديل الحماية الداخلية في بلد الأصل
إذا رأت الإدارة أن الخطر يتهدّد المتقدّم في منطقة محدّدة فقط من بلده، وأن بإمكانه الانتقال إلى منطقة أخرى بأمان ومعقولية؛ جاز رفض الطلب بناءً على بديل الحماية الداخلية.
تعارض الأقوال مع التقارير القُطرية الموثوقة
إذا خالفت رواية المتقدّم تقارير قطرية موثوقة (الأمم المتحدة، العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، EUAA/EASO وغيرها)، عُدّت الرواية غير مقنعة.
مثال: الادّعاء باضطهاد شديد للمسيحيين دون أن تؤيّده المصادر الموثوقة.
وجود رفض سابق / طلبات مكرّرة
إذا سبق رفض الطلب ولم يقدّم المتقدّم وقائع جديدة وجوهرية، جاز اعتبار الطلب الجديد مكرّرًا ورفضه دون فحص كامل.
ينظّم ذلك م 75 من يوكّك وم 92 من اللائحة.
التأخّر في التقديم أو الإقامة غير النظامية الطويلة في تركيا
إذا انتظر المتقدّم فترة طويلة بعد دخوله قبل تقديم الطلب، قد تستنتج الإدارة عدم وجود خوف عاجل.
وبحسب م 83 من اللائحة قد تُعالَج الطلبات المتأخرة وفق إجراء مُسرَّع وغالبًا ما تُرفَض.
سلوك يناقض الغاية المعلَنة / السفر إلى بلد الأصل
إذا عاد الشخص — ولو لفترة وجيزة — إلى بلد ادّعى الخوف منه أثناء تمتّعه بالحماية في تركيا، فقد يُنظر إلى ذلك كدليل ضد جدّية الخوف.
كما يؤثّر عدم الإبلاغ عن تغيير العنوان أو مخالفة التزامات التسجيل سلبًا في المصداقية.
ادّعاءات نشاط سياسي تتعارض مع المعلومات القُطرية
قد يزعم المتقدّم نشاطًا سياسيًا غير مرجَّح أو غير مدعوم أو لا ينسجم مع سياق بلده (مثال: منظمة غير ناشطة في المنطقة المذكورة)؛ ما قد يفضي إلى الرفض. وتُعدّ الأدلّة هنا حاسمة.
|
المعيار |
الأساس القانوني |
الشرح |
|
عدم وجود خطر اضطهاد |
يوكّك م 63 |
عدم ثبوت تهديد فردي |
|
أقوال غير موثوقة |
يوكّك م 78 |
تناقضات/وثائق مزوّرة |
|
بلد ثالث آمن/بلد أول للجوء |
يوكّك م 73–74 |
حماية سابقة أو عبور آمن |
|
أسباب الاستبعاد |
يوكّك م 64 |
جرائم، إرهاب، أفعال جسيمة |
|
إساءة استعمال الإجراء |
يوكّك م 77 |
طلب لتمديد الإقامة ونحوها |
|
خطر على الأمن العام |
يوكّك م 64/5 |
تهديد للنظام/الأمن |
|
بديل حماية داخلية |
ممارسة |
إمكانية الانتقال الآمن داخليًا |
|
طلب متأخّر |
لائحة م 83 |
تقديم بعد زمن طويل من الدخول |
|
طلب مكرّر |
يوكّك م 75 |
لا وقائع جديدة وجوهرية |
|
تعارض مع التقارير |
— |
ادعاءات غير مدعومة بالمصادر |
• بعد اكتساب القرار الدرجة القطعية قد يفقد المتقدّم وضعه القانوني في تركيا ويواجه خطر الترحيل.
• إذا لم يُتقدَّم بتظلّم إداري أو دعوى إلغاء، قد تبدأ إجراءات الترحيل (وفق م 54/1-ı من يوكّك).
• مع الإشارة إلى أن القطعية وبدء إجراءات الترحيل خطوتان منفصلتان؛ فالرفض بذاته لا يعني الترحيل الفوري.
4.1 التظلّم الإداري / اللجنة الوطنية
• يمكن تقديم تظلّم إداري خلال مهلة محدّدة بدءًا من تاريخ التبليغ.
• تحدّد اللائحة في بعض الحالات مهلة 10 أو 15 يومًا.
• عمليًا: نادرًا ما يتغيّر القرار في هذه المرحلة لأنها ضمن الجهاز نفسه الذي أصدر القرار؛ احرص على المهل كي لا تفوّت مهلة المحكمة.
4.2 دعوى الإلغاء (المراجعة القضائية)
• يمكن رفع دعوى إلغاء خلال 30 يومًا (وأحيانًا 15 يومًا) من تاريخ التبليغ أمام المحكمة المختصّة.
• المحكمة المختصّة: المحكمة الإدارية في مكان وجود المتقدّم.
• يجب أن تتضمّن العريضة: تاريخ الطلب، أسباب الرفض، تحليل المخاطر، الأسس القانونية (يوكّك، اللائحة، الاتفاقيات الدولية)، وأدلّة جديدة.
4.3 آثار التقاضي
• قد يؤدّي تقديم الدعوى مع طلب وقف التنفيذ إلى تعليق الترحيل؛ ويجوز للمتقدّم البقاء في تركيا حتى قرار المحكمة المؤقّت.
• بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية: إمّا إلغاء القرار (ثم إعادة تقييم الطلب) أو ردّ الدعوى.
|
المرحلة |
الجهة |
المهلة |
ملاحظات |
|
تبليغ الرفض |
— |
— |
تاريخ التبليغ حاسم |
|
التظلّم الإداري |
رئاسة إدارة الهجرة/اللجنة |
10–15 يومًا |
اختياري؛ لا تفوّت مهلة المحكمة |
|
دعوى الإلغاء |
المحكمة المختصّة |
15–30 يومًا |
مهلة قاطعة؛ فواتها = قطعية + خطر الترحيل |
|
نتيجة القضاء |
المحكمة |
— |
يتحدّد الوضع النهائي بالحكم |
• قد تكون إعادة التقديم ممكنة بوجود وقائع جديدة وجوهرية، مع ضرورة تفنيد أسباب القرار السابق؛ وهذا غير متاح في جميع الحالات ويُقيِّمه محامٍ.
• قد يكون القرار السابق عدم قبول أو استبعادًا؛ ولكلٍّ منهما إجراءات ومهل مختلفة.
• توجد صفات أخرى (مثل الحماية الثانوية أو اللاجئ المشروط) بشروط مستقلة قد تُبحث عند الاقتضاء.
• بموجب م 54/1-ı من يوكّك يندرج مَن رُفض طلبه ضمن الفئات التي يجوز اتخاذ قرار ترحيل بحقها.
• لكن وفق م 55/1-أ وغيرها، إذا وُجد خطر حقيقي لعقوبة الإعدام أو التعذيب/سوء المعاملة أو تعذّر الوصول إلى علاج أساسي، فلا يجوز اتخاذ أو تنفيذ قرار الترحيل.
• لذا يجب تقييم خطر الإعادة تقييمًا ملموسًا بعد الرفض، واتخاذ الضمانات القانونية سريعًا عند ارتفاع الخطر.
• تُؤكّد بعض الأحكام أن قرار الرفض بذاته لا يستتبع الترحيل تلقائيًا.
• وتتطلّب المحاكم الإدارية أن يكون تقييم الإدارة للمخاطر موضوعيًا وملموسًا؛ ولا تكفي التقييمات المجرّدة.